اليوم هو يوم عرفة .... و الجميع صيام معدى الحجاج و المعذورين في القرآن و الأطفال .
لهذه المناسبة العضيمة فكرت أن أقدم لكم هذا الموضوع .
ها هو الصوم قد قدم علينا بخيراته وبركاته وفضائله وروحانيته وأفراحه، بعد ترقبٍ واشتياقٍ وطول انتظار من الصغير قبل الكبير، إلا أن قدومه في هذه الآونة التي يشتد فيها الحر ويطول فيها النهار يجعل البعضَ ينتابه فزعٌ شديدٌ؛ خوفًا من مكابدة الجوع والعطش في هذا الحر الشديد والنهار الطويل، وما قد ينتابهم جرّاء ذلك من التعب والإرهاق ومشقة في العمل، لذا فلا عجب أن ينتظر الناس انقضاء الصوم في ظل هذه الأجواء بكل حرصٍ وشوقٍ وترقب. إن الصوم ليس رياضةً بدنيةً الهدف منها إنقاص الوزن وتعذيب النفس وقهرها؛ ليسهل انقيادها والسيطرة عليها، ولا رياضةً روحيةً بالمعنى الذي تُمارس به بعض الطقوس الهندية؛ بهدف زيادة التركيز أو الترقي أو غيره من الأغراض، وإنما هو سرٌ بين العبد وربه ترتفع به الروح وتسمو به الأنفس نحو صفاء الملائكة الأطهار، إضافة إلى أنه حسٌ مرهفٌ وشعورٌ نبيلٌ بحاجة المحروم، وكبح جماح الشر في الإنسان.
كيف تحافظ على طاقتك ونشاطك أثناء الصيام؟
إن من أهم ما يمكّنك من المحافظة على نشاطك وطاقتك طوال اليوم هو تأخير السحور وتبكير الفطور. فتناول طعام السحور يعطي طاقةً ووقودًا للجسم خلال النهار وأعماله الشاقة، وفي تأخير السحور وتبكير الفطور توازنٌ زمنيٌ بين الوجبتين التي يتناولهما الصائم، فإذا اقترب السحور من الفطر طالت فترة الصوم واضطرب التوازن المطلوب، ومن ثَمَّ يحدث شبعٌ زائدٌ في فترةٍ، وجوعٌ شديدٌ في فترةٍ أخرى.
لقد أثبت العلم في السنوات الأخيرة أهمية الإفطار على التمر؛ حيث وُجد أن التمر من أكثر أصناف الطعام التي تحتوي على الفركتوز، وهو من السكريات التي تمد الجسم بالطاقة لفترةٍ طويلةٍ تغطي فترة الصيام طوال اليوم؛ وذلك لأن الصائم يعتمد على ما يوجد بجسمه من السكر، وخاصة المخزون منه في الكبد.
إن السكر الموجود في طعام السحور يكفيك لمدة 6 ساعات فقط، وبعد ذلك يبدأ الإمداد من المخزون الموجود بالكبد، ومن هنا فإن الصائم إذا أفطر على التمر أو الرطب، وهو يحتوي على سكريات أحادية مثل الفركتوز، فإنها تصل سريعًا إلى الكبد والدم الذي يصل بدوره إلى الأعضاء وخاصةً المخ، فيعطي الجسم الطاقة اللازمة له.
كيف تقلل الإحساس بالعطش أثناء الصيام؟
هناك بعض النصائح الذهبية التي تقيك شر العطش المضني في هذه الأيام الحارة وهي كالتالي:
عليك تناول الألبان ومنتجاتها في السحور، فهي تحتفظ برطوبة الجسم والوجه: كالزبادي واللبن الرائب والأجبان البيضاء.الجبنة البيضاء
يمكنك تناول الخضراوات الطازجة كالخس والجرجير والطماطم والخيار.
ابتعد عن المواد الحريفة والمخللات والصلصة والمايونيز والكاتشب والمستردة.
قم بشرب من 4 - 6 أكواب من الماء (ما يعادل 2 - 3 لترات) في الفترة ما بين الإفطار إلى السحور.
احرص على تناول الوجبات الخفيفة من الفواكه أو ما يسمى (تصبيرة) (Snacks) بين الإفطار والسحور، وهي عبارة عن ثمار الفاكهة الطازجة من أنواع معينة كالتفاح والبطيخ والكمثرى والجوافة، ويُستحسن أن تكون بدون بذر لتجنب الإمساك.
تجنب الإكثار من الحلوى (الكنافة والقطايف والبسبوسة وغيرها) بين الإفطار والسحور، السلطاتكما يُفضل عدم الإكثار من السكريات وأصناف الطعام الحلوة على السحور كالعسل الأسود والشيكولاتة وغيرها؛ حيث إنها تزيد من إحساسك الدائم بالعطش أثناء النهار.
كيف يكون سحورك مفيدًا وغنيًا؟
وجبة السحور ضرورية ولها أهمية كبرى، إذ إنها تعينك على تحمل مشقة الصوم، وتمدك بالقوة والنشاط اللذين يساعدانك في أداء أعبائك اليومية، كما تمنع حدوث الصداع وحالات الإعياء، وتحافظ على مستوى السكر في الدم، وسلامة الجهاز الهضمي، ولكي يكون سحورك مفيدًا وغنيًا فإليك هذه النصائح:
يُستحسن تأخير وجبة السحور إلى قُبيل أذان الفجر.
يفضل أن يكون طعام السحور من الأطعمة متوسطة الهضم، والتي تمكث في المعدة مدة ما بين 7 - 9 ساعات؛ حتى تساعدك على تلافي الجوع وتمد جسمك بالطاقة، مثل: الخضراوات الغنية بالألياف، والفواكه التي تحتوي على نسبةٍ كبيرةٍ من الماء: كالبطيخ والشمام والبرتقال والتفاح وغيرها. الفواكه
احرص على أن تخلو وجبة السحور من الأملاح الزائدة والمخللات.
احرص على أن تكون وجبة السحور متكاملة العناصر الغذائية التي تحتوي على الألياف والكربوهيدرات بصفةٍ أساسيةٍ (والتي تُعدّ من أكثر العناصر التي تحتاج إلى وقتٍ كي يتم هضمها بالكامل) خاصةً الفول أو البقوليات بصفةٍ عامةٍ، فهي بجانب احتياجها لمدةٍ طويلةٍ حتى يتم هضمها، فإنها أيضًا تقلل الإحساس بالعطش طوال اليوم.
كيف تتجنب الشعور بالجوع في الصوم؟
أولاً: لكي لا تشعر بالجوع والوهن في الصوم يجب أن تكون معدًا نفسيًا لذلك، فالأمر يعتمد على عزيمة الإنسان الخالصة، وتهيئة النفوس لتحمل مشقة الصوم قبل كل شيءٍ، فإن وجد الإنسان بعض الشعور بالعطش أو الجوع فإن ذلك لا يدفعه إلى الأكل أو الشرب مادام هناك تهيئةٌ نفسيةٌ على تحمّل بعض المشقة، فنجده يطرد هواجس حاجته للأكل والشرب، كما أن شعور الصائم بأن هناك من يشاركه أداء هذه الفريضة يشجعه على مواصلة الصيام.
ثانيًا: لا تفكر دائمًا في كونك محرومًا من الطعام، ففكرة الحرمان تجعل مستقبلات الحس دائمة التحفز لإفراز العصارات الهاضمة والإنزيمات المحفزة للجوع والعطش؛ فالتفكير في الطعام والشراب يشعر الإنسان بالحرمان، وفاقد الشيء يشتهيه.
ثالثًا: كما ذكرنا سابقًا، عليك بالإكثار من تناول الألبان والفاكهة والخضراوات والبقوليات في فترة السحور.
رابعًا: الإكثار من أخذ حمامٍ باردٍ لكي لا يفقد الجسم الماء.
وأخيرًا كل شيءٍ يكون صعبًا في بدايته، لكن بالتعود والعزيمة واتباع النصائح السابقة تُذلّل لك الصعاب ولا يطول بك الأمر حتى تتعود على الصيام وتنسى مكابدة مشقة الجوع والعطش، وتتمنى أن لو كان العام كله صيامًا.
صوم مقبول وكل عام أنتم بخير!